روائع مختارة | روضة الدعاة | السيرة النبوية | غزوة ذي قَرَد.. (الغابة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > السيرة النبوية > غزوة ذي قَرَد.. (الغابة)


  غزوة ذي قَرَد.. (الغابة)
     عدد مرات المشاهدة: 2943        عدد مرات الإرسال: 0

من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ضد أعراب نجد بعد غزوة الأحزاب وبني قريظة وقبل غزوة خيبر، وقد سميت بغزوة ذي قَرد لأن الماء الذي نزل به رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم يقال له:  ذو قرد. .

وتسمى كذلك بغزوة الغابة، إشارةً إلى موضعٍ قرب المدينة من ناحية الشام فيه شجر كثير، وهو المكان الذي أغار فيه المشركون على إبل رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ وهي ترعى فيه. .

لم تكد تمضي ليال قلائل على عودة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته لبني لحيان، حتى أغار عيينة بن حصن الفزاري في جماعة من قومه غطفان على لقاح (إبل ذوات لبن) للنبيـ صلى الله عليه وسلمـ كانت ترعى، وقتلوا رجلا وأسروا امرأة من المسلمين. .

وعندما سمع سلمة بن الأكوعـ رضي الله عنهـ ما حدث، صاح منذرا الناس، وظل بمفرده يطارد المغيرين، وكانـ رضي الله عنهـ أسرع الناس عدواً، حتى أدركهم على رجليه، وجعل يرميهم بالنبل، وكان رامياً، ويقول: 

    خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع (هلاك اللئام)

 ثم توالت سهامه عليهم وهو يطاردهم وحده، حتى ألقوا بالكثير من متاعهم التي أثقلتهم عن الهروب، وكانوا كلما ألقوا شيئا وضع عليه علامة كي يعرفها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه. . واستمر على ذلك حتى استنقذ منهم بعض الإبل، وثلاثين بُرْدة (كساء) وثلاثين رمحا. .

 لحق الرسولـ صلى الله عليه وسلمـ ومن معه من الصحابة بسلمة بن الأكوع بذي قرد، واستعادوا الإبل كلها بعدما قتلوا من المشركين الكثير، ثم عاد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة وقد أردف خلفه على ناقته سلمةـ رضي الله عنهـ ، وأعطاه سهمين، سهم الفارس وسهم الراجل، وأثنى عليه قائلا:  (خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة) رواه مسلم.

أما المرأة التي أسرها المغيرون من غطفان، فقد عادت سالمة إلى المدينة بعد أن تمكنت من الإفلات من القوم على ظهر ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد نذرت إن نجاها الله لتنحرن تلك الناقة، فلما أخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نذرها تبسمـ صلى الله عليه وسلمـ وقال:  (بئسما جزيتها، أن حملك الله عليها ونجاك ثم تنحرينها، إنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا تملكين، إنما هي ناقة من إبلي، فارجعي إلى أهلك على بركة الله) رواه أحمد.

وفي أثناء رجوع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه إلى المدينة حدثت مسابقة في العَدْوِ بين سلمةـ رضي الله عنهـ ورجل من الأنصار، يقول سلمةـ رضي الله عنهـ:  (. . وكان رجل من الأنصار لا يُسبق شداً.

قال:  فجعل يقول:  ألا مُسابق إلى المدينة، هل من مسابق؟ ، فجعل يُعيد ذلك، قال:  فلما سمعت كلامه قلتُ:  أما تكرمُ كريماً ولا تهاب شريفاً، قال:  لا، إلا أن يكون رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ ، قال:  قلت:  يا رسول الله بأبي أنت وأُمي ذرني فلأسابق الرجل، قال:  إن شئت، قال:  قلت:  اذهب إليك وثنيتُ رجلي فطفرت فعدوت. . فسبقته إلى المدينة) رواه مسلم.

لقد كانت غزوة الغابة (ذي قرد) من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ضد أعراب نجد، وفي مطاردتهم وإيقافهم عند حدهم، لنشر الأمن والسلام في الدولة الإسلامية وما حولها، وتأديب المعتدين. . وهذه الغزوةـ رغم صغرها عسكريا إلا أن فيهاـ كبقية الغزوات والسراياـ من الفوائد الكثير، منها: 

شجاعة الرسولـ صلى الله عليه وسلمـ ، ومبادرة الصحابة عند النداء للجهاد وشجاعتهم، خاصة سلمة بن الاكوعـ رضي الله عنهـ الذي قاوم بمفرده جَمْعا من الكفار وأرهبهم، واستنقذ منهم ما سرقوه من إبل النبيـ صلى الله عليه وسلم.

بل وأخذ منهم بعض الغنائم، ومن ثم كرمه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ معنويا وماديا، فأثنى عليه، وأعطاه سهمين من الغنائم، وحمله خلفه على ناقته حتى عاد إلى المدينة، وفي ذلك فائدة هامة وإشارة من النبيـ صلى الله عليه وسلمـ لتكريم أصحاب الهمم العالية. .

قال ابن حجر في حديثه عن بعض فوائد هذه الغزوة:  ". . جواز العَدْو الشديد في الغزو، والإنذار بالصياح العالي، وتعريف الإنسان نفسه إذا كان شجاعا ليرعب خصمه، واستحباب الثناء على الشجاع ومن فيه فضيلةـ لا سيما عند الصنع الجميلـ ليستزيد من ذلك، ومحله حيث يؤمن الافتتان، وفيه المسابقة على الأقدام، ولا خلاف في جوازه بغير عِوَض، وأما بالعِوَض فالصحيح لا يصح. . ". .

وكذلك من فوائدها:  بطلان نذر المعصية، أو النذر فيما لا يملكه الإنسان، وحلم الرسولـ صلى الله عليه وسلمـ وسماحته في تبسمه حينما نهى المرأة أن تنحر ناقته التي نجاها الله عليها. .

المصدر: موقع إسلام ويب